ياسر التلاوى :هل يستوعب “النواب” درس “الصحفيين”  

 

 

جاءت المفاجأة المدوية التي فجرها الصحفيون منذ ساعات ، بعد ظهور نتيجة انتخابات نقابة الصحفيين ، وإعلان فوز خالد البلشي بمنصب النقيب على منافسه العتيد خالد ميري بمثابة صدمة عنيفة بكل المقاييس .. وهذا في واقع الحال ليس من باب التقليل من حجم أو وزن أو قيمة “البلشي” الفائز وإنما من واقع كافة الأدلة والمؤشرات والسوابق .
فقبل نحو العامين ، فشل نفس ذات “خالد البلشي” في الفوز بمقعد في مجلس النقابة ، ليعود إليها اليوم طاووساً متوجاً بمنصب النقيب .
ووفق قراءة عليمة وحصيفة ومتأنية .. فإن هذه النتيجة غير المتوقعة ، وفق أكثر السيناريوهات المتشائمة ، جاءت على ما يبدو كتصويت عقابي ، بل انتقامي ، ليس بالضرورة من الصحفي خالد ميري في حد ذاته أو لشخصه .. وإنما ساهم في الوصول إليها كل من لا تعجبه الأحوال المتردية التي وصلت إليها مهنة الصحافة بصفة خاصة والمنظومة الإعلامية بصفة عامة .
ومن قبيل الأمثلة التي يتم ذكرها للتدليل على هذه الحالة مسألة الشللية التي باتت تحكم اغلب اختيارات الحقل الإعلامي والتي تنبني على اختيار (الأهل والعشيرة) ، على طريقة جماعة الإخوان التي رفض الشعب وجودها او استمرارها فبتنا نكرر ذات الأخطاء ، وتسلل بعض العناصر غير المشهود لها بالكفاءة إلى المشهد الإعلامى واستبعاد الأكفاء ، إلى جانب ظهور الكثير من التحفظات على الأداء تجاه ملفات الصحفيين ومحاولة فرض السيطرة على النقابة .
هذا ناهيك عن ظاهرة “التكويش” التي باتت هي الأغلب الأعم في مجال الإعلام عامة ، وفي القلب منه الصحافة ، فيكفي أن تعلم أن هناك رموزاً محسوبة على الإعلام لا يكفيها منصب واحد ولا اثنين ولا حتى ثلاثة .. وهذا في حين يعاني أغلب الصحفيين من أوضاع مهنية ومادية مزرية .
فلم تفلح كل جهود “الحشد” وحملات “كل الدعم” في القفز على إرادة الصحفيين الذين قالوا كلمتهم بكل قوة وبدون النظر إلى أي حسابات مادية .
وبنظرة متعمقة لما أسفرت عنه نتائج انتخابات نقابة الصحفيين ، فإنها على ما يبدو كانت أشبه ما يكون بـ”بروفة مصغرة” لمارثون الانتخابات البرلمانية المقبلة وهذا ما يحتاج كل عضو حالي ، أو محتمل ، أن يعيه ويفكر فيه جيداً لتكون درساً لا يمكن نسيانه في عالم السياسة بل وفي الحياة بصفة عامة .
ولتفسير أكثر .. فإن الأداء غير المرضي عنه من جموع الشعب وتجاهل تأثير إرادة الطبقات العريضة تأتي بنتائج أبعد ما تكون عن التوقع .. بل وتأتي بأشخاص لا يمكن بأية حال من الأحوال توقع وصولهم لولا الأخطاء التي وقع فيها سابقوهم .
ليس هذا فحسب .. بل أن ما يجب على النواب إدراكه تماماً أن الناخبين (الشعب في هذه الحالة) إذا انسدت القنوات بينه وبين من يمثله وتقطعت بهم السبل فإن كل إغراءات الدنيا ستفشل على الأرجح في إعادة بناء ما تم هدمه .. فجسور الثقة حين تسقط فإن إعادة بنائها من أصعب ما يكون .

السؤال المهم الذي يجب على الجميع طرحه والبحث عن إجابة له الآن : هل ما جرى مجرد صحوة مفاجئة سرعان ما تخبو آثارها وتتوارى جذوتها .. أم أنها بمثابة انطلاقة سيكون لها توابع أخرى ربما لا يتوقعها أحد .. ولعل هذا ما ستجيب عنه الأيام القليلة القادمة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى