...

ياسر التلاوى يكتب: إلى “النواب” أوقفوا التوريث ..الإيجار القديم قنبلة موقوتة

على أحر من الجمر .. ينتظر ملايين المصريين وبفارغ الصبر إصدار قانون الإيجار القديم الذي طال انتظاره لسنوات طويلة، حيث يعول عليه الكثير من المواطنين من أصحاب العقارات والأراضي القديمة المستأجرة والتي لا يتعدى إيجارها بضعة جنيهات في الشهر الواحد لإنصافهم ومنحهم ولو جزءا يسيرا من حقوقهم المسلوبة منذ عشرات السنين.

في حقيقة الأمر فإنه ليست هناك أي أسباب مقبولة لفهم تسويف مجلس النواب لحسم وإصدار هذا القانون خصوصاً أن ما أعلن عن تعديلاته وبنوده لاقت استحسانا وترحيبا من أغلب قطاعات الشعب.
فمن يقبل أن يستمر هذا الظلم البين ، فيكفي أن تعلم أن أغلب ، إن لم يكن كل ، الملاك الحقيقيين المظلومين تكون لديه شقة في الزمالك أو الدقي أو المهندسين مستأجرة بجنيهات معدودة وهو يعيش في حي شعبي مثل بولاق أو إمبابة ولا يملك إلا الحسرة على أملاكه المنهوبة.

وفي ظل توالى المحاولات تفاقمت الأزمة بين الملاك والمستأجرين في محاولة كل منهما إيجاد حلول تناسبه، فمن ناحية الملاك يريدون حلولا تعوض المقابل المادي الزهيد للوحدة لتواكب متطلبات العصر الحالي، أما الطرف الثانى فيريد استمرار الوضع على ما هو عليه.
وأعتقد ان حل الأزمة يتلخص في ضمان عدالة الميزان الاجتماعي الذي يضمن للمالك الحصول على ثمن عادل للوحدة وللمستأجر عدم طرده منها، مؤكدين ضرورة أن يكون التشريع منصفا للطرفين حتى لا يكون هناك احتجاج أو رفض لما يرد به وإلا ستظل مشكلة قانون الإيجار القديم مثيرة للجدل في ظل اضطراب العلاقة بين المالك والمستأجر حول القيمة الإيجارية بين الماضي والحاضر.
ولا أحد ينكر أن القانون المعمول به حالياً ينطوي على ظلم بين .. حيث يعطي للمستأجر حق التوريث في عقد الإيجار، بينما من المعروف أن التوريث يكون في التمليك وليس في الإيجار فهل من العدل أو المنطق أو حتى الإنصاف أن يكون إيجار شقة 200 متر 12 جنيه شهرياً، وكذلك تورث من بعده للأبناء وربما الأحفاد.
فى الوقت الذى يرى فيه المستأجر أحقيته في الإقامة الأبدية في مسكن المالك ويرفض تعديل قانون الإيجار القديم حتي لا يتم تشريد ملايين المستأجرين وطردهم في الشارع ، فلذلك لا بد من ظهور قانون جديد لحل النزاع بين المالك والمستأجر اللذين يعدان طرفي العلاقة.
ويشتكي عدد من الملاك من وجود ضرر كبير يلحق بهم من قانون الإيجار القديم، وأن أملاكهم محتلة في ظل تطبيق هذا القانون، وطالبوا الحكومة بسرعة تغيير القانون مع وضع مدة زمنية محددة لانتقال المستأجر الذي يمتلك مسكنا آخر فترة زمنية أو دفع القيمة السوقية العادلة للإيجار.
ويتطلع ملايين المصريين لصدور هذا القانون لحسم النزاعات التي تكتظ بها ساحات المحاكم ، ويظل الأمل معلقاً في تحرك مجلس النواب والحكومة بصورة مباشرة بتوفير وحدات سكنية بديلة خصوصاً أن هناك شققا كتيرة مغلقة لدى الدولة ، لو تمت إتاحتها كمساكن بديلة فإنها ستحل الأزمة نهائياً كما أنها سترفع مستوى الناس اجتماعيا وذلك عبر تفعيل مبادرات التمويل العقاري أو الإيجار المنتهي بالتملك ، فهذا سيحقق عوائد مجزية للدولة مثل الضريبة العقارية ويعيد الحقوق إلى أصحابها.
فيجب أن تنظر الحكومة بعين الاعتبار لخطورة هذا الملف إذا كانت حريصة على إقرار مبادئ العدالة الاجتماعية، خصوصاً إذا علمنا أن أعداد الملاك المتضررين من القانون الجائر القائم تقدر بالملايين ، بينما نسبة المستأجرين الذين من الممكن أن يصيبهم ضرر حقيقي لا يتعدى العشرات.
مع التسليم بأن معظم المستأجرين بنظام الإيجار القديم لديهم شقق أخرى تمليك في أماكن قد تكون أرقى من الأماكن الموجودة فيها شققهم التي يستولون عليها ، ولكنهم يرفضون تركها ويساومون المالكين على مئات الآلاف بل الملايين لإعادة الحق لأصحابه .. وللتأكد من هذا فإنه بمقدور الحكومة تشكيل لجان لحصر آلاف الشقق الحالية بنظام الإيجار القديم المغلقة ولكن طمع المستأجرين لا يريدون تركها.
السؤال الحائر الذي يفتش عن إجابة شافية .. هل قضية بهذه الخطورة تحتمل التأجيل ، وهل استمرار ضياع حقوق ملايين الملاك لا يستحق عقد جلسات حوار مجتمعي جاد حول القانون الغائب؟! .. ننتظر الإجابة يا حكومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى