...

هنادي النواوي تكتب: “انتش وأجري” أسلوب حياة

من كان يتصور أن الفن المصري سيشهد هذا الانحدار الرهيب والسقوط المدوي ، فبعد أن كانت مصر مهداً لأرقى الكلمات وأعذب الأصوات وتحظى بكنوز فنية مصرية أصيلة بدءاً من وكوكب الشرق أم كلثوم والدكتور محمد عبد الوهاب والعندليب عبد الحليم حافظ والكروان محمد فوزي ، كما كانت عاصمة الفن العربي الراقي ومضيافة للشحرورة صباح وصوت الجبل فريد الأطرش وشقيقته أسمهان .. فهل من الطبيعي أن يتدهور بنا الحال حتى نصل إلى مهزلة “انتش واجري” للمدعو “ويجز الغلابة”.
فوسط أحداث الفوضى الهدامة ، لا الخلاقة ، التي تشهدها الأوساط الفنية والموسيقية في الفتره الأخيره أصبحنا أمام توصيف مهين لحالة التردي التي وصلت اليها مجتمعاتنا العربيه واوساطها الفنيه من تدهور بات يهرول بمنحنى سريع لايمكننا حتى متابعته.
فبعد ما صار من الجدل حول مهازل ما بات يعرف بـ أغاني المهرجانات” بموسيقاها الصاخبة وكلماتها البذيئه وكونها اصبحت سبوبه واضحه لمن لايملك موهبه او عملا يتقوت منه، اضافه الى ماتضفيه هذه النوعيه من الموسيقى من محو لهوية فننا الخالد وماضينا الجميل بموسيقاه الرائعه واصواتها ذات الامكانات الفنيه الكبيره والعظيمه واظهارنا حاليا بصورة من افلس فنيا من كافه جوانب صنع الموسيقى.
حيث الألحان لا تعدو كونها صوت ضوضاء والأصوات العجيبة والتوزيعات “اللي مالهاش ملّه ولا هويه” وعلى رأي المثل : “رضينا بالهم والهم مارضيش بينا” ، فقد ظهر ماهو اسوأ وأضل سبيلا مؤخرا .. حيث لاقت قنبلة “انتش وأجري” ، وهي مايصعب حتى تسميتها بالاغنيه ، قبولا غريبا وانتشاراً كالنار في الهشيم لدى كثير من اطياف المجتمع وخصوصا بكل أسف الأطفال النشء والشباب الذين هم ركيزة المستقبل وأمل مصر، بل وباتت تريندا يتهافت عليه الجميع صغارا وشبابا ونساءا ورجالا كي يقلدوا النسخه الأصليه المضروبه منها متمثله في شاب لايملك اي نوع من المواهب يتلوى بحركات كوميديه والفاظ لايملك السيطره عليها وهي ادعى للاستهزاء بها وتجاهلها كي تقتل في مهدها قبل ان تتفاقم وتقتلنا جميعا دون رحمه او شفقه.
الأخطر من ذلك أن هذا المسخ أصبح يستهوي رجال التربية والتعليم لدرجة أنهم أصبحوا يستضيفونها في السناتر لغسل عقول أبنائنا وزيادة الطين بلة.
فيا سادة يا مسئولين عن الفن في هذا البلد الأمين ، عليكم أن تتدخلوا اليوم قبل غداً حيث بات مجتمعنا في حاجه فعليه لبناء جديد وغرس مفاهيم اصيله تنمي روح الانتماء والإيجابية ، فلصالح من يتم مسحها مسحاً من منظومة القيم التي نشأنا وتربينا عليها بدلاً من تأصيل كل ما هو عذب وجميل وراق في أجيالنا القادمة.
فعلى عقلاء الأمة ، إن كانوا ما يزالون على قيد الحياة ، ان يتحركوا وعلى وجه السرعة لانقاذ ماتبقى من تاريخنا وماضينا المشرق الذي بتنا نبكيه بقلوبنا وعقولنا.. فلا مستقبل لأمه اصبحت “انتش وأجري” حاضرها .. اللهم إلا ان كان هدفها مستقبل شعاره “اكفي القدرة على فمها تطلع أجيالنا لأمها” أو تحويله إلى أسلوب حياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى