...

ياسر التلاوى يكتب : انقذوا الكتاكيت

كالنار في الهشيم .. انتشرت مقاطع فيديو صادمة لإعدام “الكتاكيت” في بعض المزارع لعدم توافر الأعلاف لإطعامها، الأمر الذي اعتبره الكثيرون بمثابة كارثة خطيرة تهدد قطاع الدواجن في البلاد لأن منتجي الدواجن يدفعون تكاليف عمالة وأدوية ونفقات تربية دجاج وفي الوقت ذاته العلف غير متوافر، ما دفعهم إلى إعدام الكتاكيت بهدف إنقاذ الدورة الإنتاجية.

وبطبيعة الحال .. تلقفت وسائل الإعلام المتربصة بأمن مصر هذه الفيديوهات التي تحولت بقدرة قادر إلى حديث الصباح والمساء لغرف الدردشة ووسائل التواصل الاجتماعي “السوشيال ميديا”.
وقد أبدت جميع قطاعات الجماهير التي شاهدت تلك المقاطع غضبها واستيائها الشديدين من عدة نواحي أولها “وجع القلوب” الذي يثيره قتل مئات الآلاف من هذه المخلوقات الضعيفة بهذه الطريقة الوحشية بدفنها حية أو وضعها في عنابر وتسريب غاز خانق عليها لدرجة وصلت تشبيهها بوأد البنات أيام الجاهلية خصوصاً في ظل ما تمثله “الكتاكيت” من حنان يشبه الأطفال الصغيرة .

أما ثاني الأسباب فيتمثل من الذعر من النتائج المترتبة على هذه الحالة من أزمات غذائية خانقة نحن الآن لا نحتمل توابعها بأية حال من الأحوال ، فبعد أن وصل سعر كرتونة البيض ، التي تعتبر البروتين البديل للبسطاء ، إلى 90 جنيها وقفز سعر كيلو الدواجن إلى 55 جنيها .. فكيف سيكون الحال بعد هذه الإعدامات الجماعية .. خصوصاً في ظل ما أكده أصحاب المزارع من اشتعال أسعار واحتمال توقف المزيد من المربين وأصحاب المزارع وتكرار عمليات التخلص من الكتاكيت على النحو المؤلم الذي شهدناه وتناقلته كافة وسائل الإعلام الصديقة والمعادية.

ومع كامل التفهم التام للظروف العالمية والإقليمية الضاغطة بشدة على جميع اقتصادات العالم وبالطبع من بينها مصر ، بسبب الحرب الروسية ـ الأوكرانية وتراجع إيرادات العملات الصعبة ، مما أدى إلى انخفاض إنتاج مصر بشكل كبير من الدواجن في وقت انعدمت فيه الأعلاف كالذرة والصويا بسبب تراكمها في الموانئ في انتظار الإفراجات الجمركيةولكن فى كل الأحوال هل يعقل أن تموت كتاكيت مصر بسبب حرب بين روسيا وأوكرانيا ؟

إلا أنه من الأمانة بمكان التحذير من خطورة هذه الأوضاع على الوطن والمواطنين ، فبغض النظر عن حملات التشويه المتعمدة التي وجدت فيها التنظيمات والدول والأبواق الإعلامية الكارهة لمصر .. فإنه يجب الانتباه إلى أن هذه الأزمة الخانقة تهدد بتوقف صناعات مباشرة وغير مباشرة تستوعب مئات الألاف من العاملين ، فليس أمام جميع مؤسسات وأجهزة الدولة بديل سوى التدخل الفوري والحاسم لإنهاء الكارثة.

ولابد من ضرورة التزام جميع المسئولين بالتعامل بموضوعية مع الأزمة وبعيدا عن التصريحات التى تزيد الطين بلة .. حيث وصف وزير الزراعة المصري السيد القصير مشاهد إعدام الكتاكيت المنتشرة بأنها حالة فردية، لكنه لم ينف وجود أزمة بالفعل.

وقال القصير في تصريحات تلفزيونية إن إعدام الكتاكيت ظهر في فيديو واحد وغير متكرر ولا يعرف مصدره، وأضاف: “أهل الشر كتير” ، مؤكدا في الوقت ذاته أن تصريحاته تلك لا تعني عدم وجود أزمة، فهي موجودة بالفعل، داعيا للأخذ بعين الاعتبار الأزمة الاقتصادية التي يشهدها العالم التى أدت إلى تقليل عمليات الشحن والتوريد للذرة وفول الصويا وأسعار الشحن والتأمين وغير ذلك.

وقال الوزير إن الظروف التي يعاني منها العالم حاليا قللت عمليات الشحن للذرة وفول الصويا التي تستورد منها مصر كميات كبيرة تصل إلى نحو 7 مليون طن ذرة وثلث الكمية صويا ، مشيراً إلى أن الحكومة بدأت إحداث إفراجات في الذرة والصويا وصلت إلى 50 مليون دولار في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر الجاري.

الأمر الأكثر أهمية في هذه القضية ، ضرورة أن يفكر المسئولون خارج الصندوق لإيجاد حل سريع لهذه الأزمة .. فنحن مدركين تماماً لطوابير الاحتياجات التي تقف في الانتظار وكلها تتطلب توفير العملات الصعبة ، النجاح إذاً أن تضع الدولة قائمة أولويات مرتبة حسب الأهمية ، فعلى سبيل المثال فإن توفير الأعلاف مقدم على استيراد الملابس .. وكلنا ثقة في اخلاص وكفاءة الحكومة .. لكن نتمنى ألا يكون هناك فرق توقيت بينها وبين الإجراءات المصيرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى