...

تعرف على فتاوى دار الإفتاء فى المولد النبوى الشريف

قام “المؤشر العالمي للفتوى” (GFI) التابع لدار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في تقرير له برصد وتحليل فتاوى الاحتفال بـ”المولد النبوي الشريف”، وأكد أنه رصد عينة من الفتاوى قوامها ما يقرب من (300) فتوى تنوعت ما بين جهات ومؤسسات رسمية أو تيارات ومنظمات متطرفة أو فتاوى منفردة، سواء أكانت فتاوى حديثة أم مُعاد نشرها، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وخلص المؤشر إلى أن (70%) من إجمالي الفتاوى على مستوى العالم تجيز الاحتفال في مقابل (30%) لا تُجيزه.

وتابع المؤشر العالمي للفتوى أن (80%) من جملة عينة الفتاوى المصرية أباحت الاحتفال بالمولد النبوي وجاءت كلها ممثلة في فتاوى المؤسسات الرسمية، في حين أن (20%) من العينة لم تُجز الاحتفال بالمولد النبوي وتمثلت في فتاوى السلفيين والتيارات المتشددة.
أما على المستوى العربي والإقليمي فقد جاءت فتاوى التحريم بنسبة (65%)، وفسر المؤشر ذلك بالأوضاع المضطربة التي تتعرض لها بعض الدول، وسيطرة بعض التيارات المتشددة على المشهد بها، في مقابل (35%) أجازت الاحتفال بالمولد النبوي.
وعلى المستوى الدولي جاءت النسبة (38%) تُجيز الاحتفال، و(62%) لا تجيزه، ولم تخرج الأحكام الصادرة عن البدعة الحسنة والبدعة السيئة.
أما على مستوى التنظيمات المتطرفة “داعش والقاعدة” فكشف مؤشر الفتوى عن ثبات النهج الإفتائي لهذه التنظيمات، فجاءت الفتاوى بنسبة (100%) تحرِّم الاحتفال بالمولد النبوي .. وترى أن الاحتفال من البدع المحرفة، ولا يجوز لأي مسلم الترويج لهذه البدعة”.

الفتاوى المصرية: (80%) تجيز الاحتفال بالمولد النبوي و(20%) لا تجيزه

أوضح مؤشر – في معرض تحليله لعينة الفتاوى – ارتفاع نسبة الفتاوى التي تجيز الاحتفال بذكرى المولد والتي وصلت لــ (80%) تمثَّلت في فتاوى صادرة من مؤسسات الفتوى الرسمية المعنية بإصدار الفتاوى في مصر مثل: دار الإفتاء والأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية، فيما حرَّم بعض السلفيين وأنصار التيارات المتشددة الاحتفال بتلك الذكرى، وذلك بنسبة (20%) من العينة المرصودة.

وكشف المؤشر عن بعض نماذج الفتاوى الصادرة عن المؤسسات الرسمية كدار الإفتاء ومنها  (الاحتفالات لا مانع منها شرعًا؛ لأنها تذكر المسلمين بما كان عليه صاحب الذكرى من خلق قويم ونهج مستقيم – تهادي حلوى المولد النبوي بين الناس “سُنةً حسنة” – الاحتفال بالمولد النبوي الشريف تعظيمٌ واحتفاءٌ وفرح بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم – التهادي بحلوى المولد النبوي الشريف، جائز شرعاً، بل هو أمر مستحب، ولا يعد هذا من البدع المذمومة ولا من الأصنام فى شيء )، وكذلك فتوى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بإن الاحتفال بالمولد النبوي “احتفال بالنبوة والوحي الإلهي وسفارة السماء إلى الأرض، والكمال الإنساني في أرفع درجاته وأعلى منازله”.

فتاوى السلفيين .. 95% من الفتاوى تحرم الاحتفال وتعتبره بدعه سيئة

وتابع المؤشر أن (95%) من فتاوى وآراء السلفيين حرمت الاحتفال بالمولد النبوي، واستندوا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يحتفل بمولده، وكذلك الصحابة والتابعون، واعتبر أنصار التيار السلفي الاحتفال بالمولد النبوي بدعة سيئة محرم فعلها، ويجب الإنكار عليها.

وأوضح المؤشر أن غالب دعاة التيار السلفي تقريبًا، أفتوا بحُرمة الاحتفال، وعلى رأسهم أبو إسحاق الحويني، وعبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، الذي قال: “لا أعلم لهذا المولد أصلًا في كتابٍ ولا سنةٍ، ومنهم من رأى أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة محدثة، يجب الابتعاد عن المشاركة في الاحتفال بأي وجه من الوجوه، بحجة أنه لا ينبغي التعاون مع المحتفلين في إقامة احتفالهم “غير الشرعي”، أو حتى تناول الحلويات التي يوزعونها، وكذلك شراء حلوى المولد في زمن الاحتفال به، لأن ذلك إعانة وترويج لأعمال غير شرعية ومشاركة بالوزر، ومنهم من رأى أن القاعدة عند أهل السنة أن العبادة توقيفية؛ أي أنه لا يجوز لأحد أن يتعبد لله بشيء لم يشرعه الله، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحق الناس بأن يحتفل بمولده إن كان ذلك جائزًا، بل كان صحابته من بعده هم أحق الناس بالاحتفال به.

الفتاوى العربية والإقليمية: 65% ما بين حرام وبدعة و35% يجوز:

وتابع المؤشر العالمي للفتوى أنه رصد عينة من فتاوى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في أكثر من دولة على الصعيد العربي والإقليمي، مثل الجزائر وقطر وليبيا وفلسطين والإمارات ولبنان وتونس والأردن، موضحًا أنه بقياس نسبة الفتاوى التي تجيز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كانت 35% في مقابل 65% قالت بعدم الجواز بل التحريم أحيانًا والبدعة أحيانًا أخرى.

وأرجع المؤشر ارتفاع نسبة فتاوى التحريم، إلى الأوضاع المضطربة التي تتعرض لها بعض هذه الدول، وسيطرة بعض التيارات المتشددة على المشهد بها.

الفتاوى الدولية: “المؤسسات الإخوانية” تستغل غياب المرجعيات الدينية المعتدلة

وتابع المؤشر العالمي للفتوى أنه رصد فتاوى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في أكثر من دولة على الصعيد الدولي، مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا والهند وجنوب إفريقيا، موضحًا ارتفاع نسبة الفتاوى التي لا تجيز الاحتفال بذكرى المولد والتي وصلت لــ 62% تمثَّلت في فتاوى صادرة من المؤسسات والشيوخ التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، فيما أجازت بعض المؤسسات الاحتفال بتلك الذكرى، وذلك بنسبة 38%.

وبيّن المؤشر أن جماعة الإخوان الإرهابية تسعى إلى التواجد واستغلال افتقاد المجتمعات الغربية للعلم الشرعي العميق والمرجعيات الدينية المعتدلة والعمل على نشر أفكارها المتطرفة، ومن أبرز الفتاوى التي جاءت في هذا الإطار فتاوى الشيخ صلاح الصاوي أمين عام مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا ومن أبرزها عدم جواز الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا بمولِد غيره؛ لأن ذلك من البِدَع المحدثة في الدِّين؛ فلم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا خلفاؤه الراشدون، ولا غيرهم من الصحابة- رضوان الله على الجميع- ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، كما أفتى أيضًا بحرمة شراء حلوى المولد على سبيل التعبد احتفالًا بالمولد النبوي، وهذا دليل على أن جماعة الإخوان في الغرب تسعى أيضًا لتنفيذ استراتيجيتها خارجيًا من خلال تشويه وهدم المرجعيات والمؤسسات الدينية الوسطية الرسمية في الدول العربية من أجل تشكيك المستفتيين في فتواها ومصداقيتها وتطويع الخطاب الديني في تنفيذ أفكارها المتطرفة.
وانتقل المؤشر للحديث عن الجهات أو المؤسسات الدولية، التي أجازت الاحتفال بالمولد النبوي،  مثل دار إفتاء برمنجهام ببريطانيا، ودار الفتوى بأستراليا، ومجلس العلماء الإندونيسي، ودار الإفتاء في ماليزيا، وأشار المؤشر من خلال رصد الفتاوى الصادرة عن هذه الدول، والخاصة بالاحتفال بالمولد النبوي، إلى أن هذه المؤسسات رأت أن الاحتفال بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم مشروع، وأن هذه المناسبات ليست إحداثاً في الدين ما ليس منه، بل تعريف بشمائل النبي وسيرته وتذكير المسلمين بسنته ووجوب اتباعه والاقتداء به صلى الله عليه وسلم.

فتاوى “داعش” و”القاعدة”: 100% تحرم الاحتفال بالمولد النبوي وتستهدف الخصوم

وأوضح المؤشر أن فتاوى تنظيم “داعش” الإرهابي بشأن الاحتفال بالمولد النبوي، لم تتغير باختلاف الظروف والأوضاع الاجتماعية، أو السياسية، ولا زالت ثابتة وقائمة على التحريم بنسبة 100%، وتضمنت: أن “الاحتفال من البدع المحرفة التي دخلت الإسلام والتي لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء شيء من هذا، ولا يجوز لأي مسلم الترويج لهذه البدعة”.

واستدل المؤشر ببعض الأحداث السابقة، مثل منع تنظيم “داعش” الاحتفال بالمولد النبوي في مدينة الموصل، بالعراق، خلال فترة سيطرته عليها لمدة ثلاث سنوات حتى تحريرها عام 2017، ونفس الأمر بالنسبة لعدد من المحافظات العراقية التي عادت للاحتفال بالمولد النبوي عقب تحريرها من قبضة التنظيم الإرهابي، مثل نينوى، وتكريت، وقضاء الضلوعية.
وفي ليبيا، نجد استهداف التنظيم لزوايا صوفية، منها استهداف زاوية بجانب جامعة أبو مشماشة في شارع النصر بوسط العاصمة طرابلس عام 2015، ما أدى لتدميرها بالكامل.
وفي مصر كشف المؤشر أن المساجد والاحتفالات الصوفية بذكرى المولد النبوي وكانت الأكثر استهدافًا من قبل التنظيم الإرهابي، وذلك مثل حادث مسجد الروضة بسيناء الذي وقع في نوفمبر 2017، والذي ذكر شهود عيان إطلاق التنظيم تهديدات للأهالي من أبناء الطريقة الصوفية “الجريرية” تضمنت “التحذير من الاحتفال بالمولد النبوي وإلا تعرضهم للقتل”. وقبلها خلال العام 2013، استهدف التنظيم أضرحة الطرق الصوفية وشن هجومًا على ضريح الشيخ سليم أبو جرير بقرية مزار غرب العريش، وضريح الشيخ حميد بمنطقة المغارة وسط سيناء، وعلى إثره تم تفجيرهما بالكامل.
وفي نوفمبر 2016 بث التنظيم مقطع فيديو ظهر فيه ذبح الشيخ “سليمان أبو حراز”، أكبر مشايخ الطرق الصوفية في سيناء، والذي جاء أيضًا بالتزامن مع احتفالات المولد النبوي.
ولا يختلف تنظيم “القاعدة” عن “داعش” في منهج العنف والتهديد باستهداف الاحتفالات بالمولد النبوي عملًا بفتوى مضمونها: “بمناسبة اقتراب احتفال الحوثيين بما يسمى “المولد النبوي” جريانًا على ضلالهم وتنكبهم طريق سنة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم من بعده؛ فإننا نهيب بأهلنا المسلمين في قرى رداع عدم مشاركة الحوثيين تجمعاتهم خلال هذه الاحتفالات أو حتى مجرد الاقتراب منها”.
وبالتالي كانت هذه الفتوى الصادرة عن جماعة “أنصار الشريعة” التابعة لتنظيم “القاعدة” في اليمن خلال عام 2015 مصحوبة بتحذير للمواطنين من المشاركة في احتفالات الحوثيين بالمولد النبوي الشريف، وتوعد جماعة “الحوثي” بمزيد من الهجمات.
وكان تنظيم القاعدة الإرهابي استهدف في العام 2014 الاحتفال الذي جرى بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي في محافظة إب اليمنية؛ مما أدى لمقتل 33 شخصًا.
وخلص المؤشر العالمي للفتوى إلى أن أيدلوجية التنظيمات المتطرفة، القائمة على العنف، والجمود الفكري، لم تختلف من تنظيم لآخر، وأن كل تنظيم يسعى لاستخدام المناسبات الدينية والاجتماعية، ومنها مناسبة “المولد النبوي” ذريعة لاستهداف خصومه، تحت حجة الدفاع عن السنَّة ومواجهة ما يزعمون بأنه “بدعة” الاحتفال بالمولد النبوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى