...

زكى رستم يكتب : أستاذ شريف عامر .. تشترى كلب

“تكلم حتى أراك” .. حكمة بليغة يعرفها كل انسان له عقل يفكر به ولسان ينطق به ، ولعل هذه من أبجديات الصفات الواجب توافرها في كل من يمتهن الإعلام ، لكن ومن سوء الحظ ، تعج ساحتنا الإعلامية هذه الأيام ببعض من ينتمون للمهنة المقدسة ذات الرسالة السامية ، والنتيجة تضييع وقت المشاهدين هباءً، ونحن من واقع غيرتنا على توافر مقومات الإعلام المفيد نتطرق لقضية مهمة تتعلق بشخصية مقدم الرسالة الإعلامية الذي يعتبر أداة التوصيل الرئيسية للرسال الإعلامية.

وفي واقع الحال فإن هناك موروثات مصرية نعيش عليها و نتعامل بها دون أن نعلم الحكمة منها وكيف خرجت اساسا ومن صاحبها ..ولعل أبرز هذه المعتقدات الموروثة ذلك الانطباع المسلم به أن كل شخص يرتدي “نظارة نظر” .. إذاً فهو مثقف ودكتور ومحترم وملاك طاهر ، حتى أن البعض يستفيد من ذلك في خداع الناس بل إن البعض يستخدمها فى النصب وبعض الافلام والمسلسلات كثير ما تظهر النظارة من أدوات النصب استغلالا للفكرة الموجودة لدى المصريين .

وبكل تأكيد ، هناك بالفعل أشخاص يرتدون نظارة على درجة عالية من الثقافة والعلم والمعرفة .. ولكن هناك آخرون لا تتوافر فيهم تلك الصفات ، بل يعيشون على الفكرة السائدة التي يعتقدها المصريون .. ويرى الكثيرون أن من بين هؤلاء المذيع شريف عامر الذي نخصه بالذكر في هذا المقال حرصاً على “مصلحته” وصالح المشاهدين وغيرة على مهنتنا التي ليس لدينا أغلى منها لنغار عليه ونتعهد لقرائنا الأعزاء بالنقد الموضوعي للأداء الإعلامي فقط للمذيع الذي وضعته الأقدار في طريق المشاهدين مثله مثل غيره من الإعلاميين الذين طالما حللنا أدائهم باعتبار هذا حق أصيل للقراء الأعزاء.

فبسبب ارتدائه نظارة “قعر فنجان” يضعه المهتمون بمشاهدة برامج “التوك شو” في زمرة المذيعين المثقفين ، وهذا احتمال وارد لمن لا يتابعه، لكن وما أن يظهر على الشاشة “ويمسك الحديدة” ستكتشف شيئا آخر تماما ، فبمجرد أن يتحدث في موضوع .. لا يفهم المتابع ماذا يريد توصيله من أفكار وقناعات .. فالفكرة دائما غير واضحة ، وكلماته لا تعرف علاقتها بهذا الموضوع بل ينطبق عليه المثل الشعبي الدارج “عك وربك يفك” .. فمهما تكلم ، لا تعلم ماذا يريد أن يقول .

والأغرب من ذلك أن “عامر” عندما يتكلم مع ضيوفه سواء في الاقتصاد يقول “معلش أنا مش بفهم فى الاقتصاد” ، وعندما يتحدث في الفن مع احد المصادر يقول أيضاً “معلش مش متابع” ، وعندما يتحدث فى الرياضة يقول كذلك : “معلش مش بفهم فى الكورة” برضه ، وطبعا لا يتحدث في السياسة سوى في فقرة د. مصطفى الفقى .. “وهى فقرة يمكن أن نطلق عليها فقرة : “أنت جميل يا استاذ شريف.. وانت تاريخ يا دكتور مصطفى” فهذه هي الفقرة الأضعف في جميع البرامج التليفزيونية .. فأبرز ما فيها ان دكتور مصطفى يقول لشريف ، “زي ما قال صديقك هيكل” ، يقصد الأستاذ محمد حسنين هيكل ، ولا اعرف بكل صراحة امتى كانوا اصدقاء وهل تعلم شريف من صديقه الأستاذ هيكل شيء .

فهل أداء شريف عامر في موضوع معين يمكن مقارنته بخبرة ولباقة وثراء معرفة الأستاذ هيكل ، الغريب أنه عندما أراد هيكل أن يجرى لقاءات أسبوعية قبل وفاته “الله يرحمه” أجراها مع الاستاذة لميس الحديدى وليس مع صديقه شريف مثلا .. المضحك المبكي أيضاً في هذه الحالة أن د. الفقي أول ما يقول لعامر هاتين الكلمتين “صديقك وأستاذك هيكل ” نجد “شريف” وقد ابتسم ابتسامه الفخر وتشعر أنه يريد أن يخرج من شاشة التليفزيون ليقول للمشاهدين “شايفين سامعين الأستاذ هيكل صديقى وأستاذي” .

وخلال متابعتى القليلة للبرنامج نجد أن شريف يريد أن يثبت أنه على درجة عالية من الثقافة بأي وسيلة ، ودائما يردد مقولة انا قرأت في جريدة أمريكية أو موقع إنجليزي أو شاهدت في قناة cnn أن الوضع الاقتصادي العالمي “مش كويس” مثلا ، بدون أن يكمل لمشاهديه عن سبب أن الاقتصاد مش كويس بالفعل ونشعر أنه يريدونا أن نعرف أنه قرأ في مجلة أمريكية أو إنجليزية أو إيطالية أو فرنسية لكن قرأ ايه مش مهم ، ليتحول الحوار كله إلى مشهد كوميدى يذكرنا بالجملة الشهيرة للفنان سمير غانم في أحد أفلامه (الزواج على الطريقة الحديثة) حيث يقول : انا قريت الكلام ده في مجلة أمريكية ، أو الجملة الشهيرة التي وردت في فيلم (الإرهاب والكباب) : في أوروبا والدول المتقدمة “بيحطوا عالكباب طحينة” .. طيب يا سيدى تمام عرفنا انك “قارئ ومطلع” .

الحقيقة أن أي مذيع أو اعلامي على كفاءة ولا يجد مكانا جيدا يعمل به مثل قناة “ام بي سي مصر” ، في الوقت الذى يرى فيه شريف عامر بهذه الإمكانيات وهذا الأداء على شاشة كبيرة مثل شاشة “ام بى سى مصر” ، فمن الطبيعي أن يصاب بالإحباط .. خاصة إذا علم أن اجر شريف عامر ثاني أو ثالث أعلى أجر بين المذيعين ولكن هاتقول إيه : “ربك لما يريد” و”ارزاق ربك بيوزعها” .

الشيء بالشيء يذكر .. ومع كامل التقدير للراتب الكبير من غير حسد ، وبالقياس مع الفارق طبعا ، فإنه من المعروف أن الأجر الكبير ليس دليل على شطارة ولا كفاءة من يتقاضاه في زمننا هذا ، بدليل أن “الراقصات” تحصل على ما لا يحصل عليه المعلم ولا المهندس ولا حتى الطبيب ، بل تنزل عليهن آلاف الجنيهات يوميا ، على سبيل النقوط ، فهل يعني هذا أنهن يقدمن شيئاً نافعاً أو مفيداً للناس او المجتمع .. بالطبع لا .. ولكنهن بارعات في تقديم أشياء للتسلية والترفيه .

وقبل أن اختم حديثي مع قرائي الغاليين ، أحب أعترف لكم أن الشيء الوحيد اللي بيعجبني في “أبو عامر” أنه يشاركني في هواية وحب تربية الكلاب .. لدرجة أنني أفكر جدياً في أن أعرض عليه شراء كلب من الكلاب التي اربيها لتخفيف العبء عني ، فهل ياترى سيقبل يشتري الكلب مني أم أنه سيكتفى بما لديه من كلاب ؟

وفى النهاية .. اريدكم أن تفكروا معي في إجابة لهذا السؤال : ماذا لو كان “أبو عامر” بدون نظارة ، هل كان سيصبح مذيعا مشهورا ؟ أعتقد الإجابة لا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى