السنوار مقاتل حتى بالعصا ..فعصى على من عصى بقلم ياسر التلاوي
اختلف معه كما شئت، وقد نختلف نحن معه أيضا في الكثير من المواقف، وقد يكون لدى البعض منا تحفظات كثيرة على خطوة ما يسمى “طوفان الأقصى” ونتائجه على الشعب الفلسطيني والمنطقة بأكملها، بالرغم من أنه كان سببا رئيسيا في كشف الوجوه الحقيقية للدول الكبرى ودعمها غير المحدود للكيان الصهيوني .
ولكن كل هذه التحفظات لا تجعل عربيا واحد يشمت في بطل استثنائي ظل يقاتل حتى آخر لحظة في حياته، حتى بعد أن نفدت كل أعيرته النارية ولم يتبق معه شيء أظهرت الكاميرا أنه قاتل حتى الرمق الأخير فوق أرض غزة، التي ما عرف غيرها، لم يكن مختبئا في نفق، أو متمترسا وراء أحد، وحين أصيب في يده ظل يحارب حتى نال ما كان يتمنى، نال الشهادة.
قصة ومشاهد اللحظات الأخيرة
هل يعقل أنه في الوقت الذي يشيد العالم كله بكفاح السنوار حتى اللحظات الأخيرة من حياته ويتحاكى عن بطولاته، أن يأتي أحد ويشمت في الرجل، أو يحاول التقليل من شأنه وبطولاته؟
لقد عرضت كل وسائل الإعلام تفاصيل الساعات واللحظات الأخيرة في حياة زعيم حركة حماس يحيى السنوار قبل اغتياله من قبل القوات الإسرائيلية في مبنى مهجور في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ورصدت كاميرا المسيرة التي ارسلتها القوات الإسرائيلية ، السنوار بعد أن دخل إلى مبنى آخر، وصعد إلى الطابق الثاني، فأطلقت قوات الجيش الإسرائيلي قذيفة على المبنى، وبدأت في مسحه، ثم ألقت قنبلتين، واستخدمت طائرات مسيرة لتفقد المكان، وبعد إطلاق القذيفة رصدت السنوار ملثم الوجه يجلس في غرفة مصاباً في اليد، وعندما رأى الطائرة المسيرة تقترب منه ألقى عليها قطعة خشبية، وبعد ذلك أطلق الجيش الإسرائيلي قذيفة أخرى على الغرفة، وفي الصباح دخلت القوات، ورأت الجثمان
مات السنوار في قلب المعركة، لم يستسلم، ولم يسمح بالقبض عليه من قبل الصهاينة حتى يحققوا الانتصار على قائد الحركة التي أذاقتهم الويل رغم فارق القوة الرهيب.
حتى في موته كان عصيا على اليهود، لم يعطهم الفرصة لكى يفرحوا بالانتصار بأنه مات مختبئا أو مطاردا، بل احتفل العالم كله بشجاعته ..مات السنوار مثلما مات الكثيرون قبله، وسيموت الكثيرون بعده، ولكنه سيظل من القلائل الذين سيظل اسمهم ونضالهم عبر التاريخ، فكان مقاتلا عصيا على الصهاينة العصاة لكل ما هو صحيح وانساني.
لقد تمنى الرجل الشهادة ونالها، وقال في إحدى خطبه إنه يريد الموت في قلب المعركة، ولا يتمنى أن يموت بالكورونا أو أي مرض، واصفا ذلك بأنه سيكون” موت فطيس”.. لم يكن موته فطيسا، بل كان عنوانا للرجولة والشهامة، ونموذجا للمقاتل الحق، المدافع عن أرضه وعرضه.